ما لا تراه العين!!
استيقظت (شمس) صباحا محملة بنزلة برد منعتها من الذهاب للمدرسة، غُرس بداخلها فرح خفي لم تشأ إظهاره أمام أمها و هي في قلقة عليها بهذا الشكل ..مفاصلها تؤلم بشدة و كل ما حولها غير واضح تماما
الدنيا بيضاء كما الثلج تنام تحلم ثم تنام وتحلم من جديد أوه متى سيتساقط الثلج!! تحدق في تلك الصورة التي لم تكن واضحة البتة تستيقظ تحاول النهوض فتقبلها أمها على جبينها: شمس !! حرارتك مرتفعة جدا .. لم تنفع الكمّادات يجب أن نزيل تلكالحرارة سنذهب أنا و أبوك لإحضار الدواء محمد سيعتني بك .. لا تقلقي لن نتأخر، أتى محمد من المدرسة باكرا اليوم .. بدأ يلاعبها كما العادة ، أو يزعجها بالأحرى : شموس أخبريني الحقيقة هلأنت مريضة فعلا؟
- أجل ، هل تظن بأنني أمثل؟
-أنا فعلتها من قبل ربما ستفعلينها أنتِ أيضا ..
- نظرت إليه : هل فعلت ذلك حقا ؟
أدرك أنه تحدث بأمر خطير لم يجدر التحدث به خصوصا أمام شمسفاستجمع قواه و قال: ما رأيك أن نذهب للسطح سنمرح هناك.. هيا لنذهب
بدأت تلعب بالحصى لكن بوتيرة أبطئ حدقت في مدخل الحارة ، لقد بدأ الورد اليوم باكرا اليوم سمعت صراخ جواد و نشيج أمه في نقل حي مباشر بل و أعلى من السابق.
الحمد لله من جديد على أن أبا إسماعيل ليس هنا اليوم ..حدّقت في شرفتهم قليلا فإذا بمحمد يصرخ شمس انظري هرب جواد من المنزل ..
كان يركض بسرعة و يهرول أبوه واضعا يده على رأسه حتى لا يقع عقاله ، أم جواد تندب مختبئة وراء الباب.
عود الخيزران ليس مائلا الآن، لكنه يقطر ماء مالحا على الأرض التي شبعت الندى و كل ما يمت للماء بصلة..خرجت كل الرؤوسمن الشبابيك تنظر إليه أتى سمير و ساعد أباه رأتهم متجهين إلى السطح اختبأت هي و محمد تحت الحافة لم تكن تستطيع فتح عينيها،إنهما تشعّان جمرا..
سمعت صوت أبي جواد : سترى..أنا في آخر عمري ألاحق المجانين في الشوارع و لا يبق أحد في الحي إلا و يراني أركض هكذا سقط عقاله أكثر من مرة, سوف أربطك حتى تموت من البرد.. ولن يفكك أحد حتى لو تشفعت لك أمة الثقلين !لا أمك فقط
زادت أم جواد بكائها فإذا به يصرخ: ألا يكفينا الفضيحة التي نحن فيها ما الذيأتى بك إلى هنا ها ؟؟ ادخلي إلى المنزل هيا...أسند سمير أخوه على العامود بينما أحضر أبو جواد سلسلة حديدية قيد يديه بحبل عادي أما قدماه فبالسلسلة يستجمع أنفاسه، يصبها في جمل اللعنة على جد أجداده.
جمل مغزولة باللهاث مفادها أن لاشيء سيجعله رجلا إلا العمل يغلق باب السطح بالمفتاح و يترك جواد حتى يصدح بدعائه الصاخب إلى السماء مباشرة هذه المرة من دون حواجز إسمنتية أو بشرية ..